الملك محمد السادس يدعو المغاربة إلى عدم ذبح أضحية عيد الأضحى لعام 2025
وجه الملك محمد السادس رسالة إلى الشعب المغربي، ألقاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق، خلال النشرة الإخبارية الرئيسية على القناة التلفزيونية "الأولى". في هذه الرسالة، دعا الملك المغاربة إلى عدم القيام بذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام.
نص الرسالة الملكية:
"بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز، منذ أن تولينا الإمامة العظمى، حرصنا على توفير كل ما يلزم لتمكين شعبنا الوفي من أداء فرائض الدين وسننه، بما في ذلك الاحتفال بأيام الله المباركة، ومنها عيد الأضحى الذي سيحل بعد أقل من أربعة أشهر. هذا العيد ليس مجرد مناسبة عابرة، بل يحمل دلالات دينية عميقة، ويعكس ارتباط رعايانا الأوفياء بديننا الحنيف وحرصهم على التقرب إلى الله وتقوية الروابط الاجتماعية والعائلية.
ومع حرصنا على تمكينكم من أداء هذه الشعيرة في أحسن الظروف، فإننا نستحضر التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجه بلادنا، والتي أدت إلى تراجع كبير في أعداد الماشية. وبالنظر إلى أن ذبح الأضحية سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة قد يلحق ضررًا كبيرًا بفئات واسعة من الشعب، خاصة ذوي الدخل المحدود.
وانطلاقًا من مسؤوليتنا كأمير للمؤمنين، والساهر على إقامة شعائر الدين وفق المصلحة الشرعية، وحرصًا على رفع الحرج والضرر عنكم، وبناءً على قوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج"، فإننا ندعو شعبنا العزيز إلى عدم القيام بذبح أضحية العيد لهذا العام. وسنقوم إن شاء الله بذبح الأضحية نيابة عن الشعب، اقتداءً بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ذبح كبشين وقال: "هذا عني وهذا عمن لم يضح من أمتي".
شعبي العزيز، ندعوكم إلى الاحتفال بعيد الأضحى وفق طقوسه الروحانية المعتادة، من خلال أداء صلاة العيد في المصليات والمساجد، وإنفاق الصداقات، وصلة الرحم، وشكر الله على نعمه. "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني". صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
هذه الرسالة تأتي في إطار الحرص على مصلحة الشعب وتخفيف الأعباء في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
السبب الحقيقي إلغاء عيد الأضحى بالمغرب
في عام سبع اعوام الاخيرة واجه المغرب، الواقع في شمال إفريقيا، أزمة مناخية حادة تمثلت في نقص حاد في التساقطات المطرية على مدى السنوات الأخيرة. وفقًا للعديد من الدراسات الدولية، يُعتبر المغرب من بين الدول الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية، حيث عانى من موجات جفاف متتالية استمرت لست سنوات. أدى هذا الجفاف المطول إلى انخفاض كبير في مخزون المياه، مما أثر سلبًا على القطاع الزراعي، بما في ذلك تربية الماشية، الذي يعد جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الوطني.
وبحسب الأرقام الرسمية، تراجع عدد رؤوس الماشية في المغرب بنسبة تقارب 40% خلال السنوات الأخيرة، مما أثر بشكل مباشر على توفير الأضاحي التي تُذبح تقليديًا خلال عيد الأضحى. ونتيجة لهذه الأزمة، اضطرت السلطات المغربية إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، منها استيراد حوالي 100 ألف رأس من الأغنام من أستراليا لتلبية الطلب المحلي. ومع ذلك، وبسبب شدة الأزمة وعدم كفاية الإجراءات لمواجهتها، تم اتخاذ قرار بإلغاء الاحتفال الرسمي بعيد الأضحى في ذلك العام.
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إلغاء عيد الأضحى في المغرب بسبب ظروف مماثلة. ففي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، تم اتخاذ قرارات مماثلة في ثلاث مناسبات سابقة، كانت في أعوام 1963 و1981 و1996، وذلك لأسباب مرتبطة أيضًا بموجات الجفاف ونقص الموارد المائية والزراعية. هذه القرارات تعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها المغرب في مواجهة التغيرات المناخية وتأثيراتها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية.